الاثنين، 9 أغسطس 2021

2 حديث في الفضائل + جمع القران

الحديث الرابع

قال البخاري: ثنا عمرو بن محمد ثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا أبى عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي ثم توفى رسول الله بعده

وهكذا رواه مسلم عن عمرو بن محمد هكذا وهوالناقد وحسن الحلواني وعبد بن حميد والنسائي عن اسحاق بن منصور الكوسج أربعتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري به

ومعناه أن الله تعالى تابع نزول الوحي على رسوله شيئا بعد شىء كل وقت بما يحتاج اليه ولم تقع فترة بعد الفترة الاولى التى كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله تعالى { اقرأ باسم ربك } فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال قريبا من سنتين أو أكثر ثم حمى الوحي وتتابع وكان أول شىء نزل بعد تلك الفترة { يا أيها المدثر * قم فأنذر }

الحديث الخامس

قال البخاري: حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال سمعت جندبا يقول: [ اشتكى رسول الله فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا تركك ] فأنزل الله تعالى: { والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى }

وقد رواه البخاري في غير موضع ومسلم والترمذي والنسائي من طرق أخر عن سفيان وهو الثوري وشعبة بن الحجاج كلاهما عن قيس العبدى عن جندب بن عبد الله البجلى به وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في تفسير سورة الضحى

والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائل القرآن أن الله تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة حيث جعل الوحي متابعا عليه ولم يقطعه عنه ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام

قال البخاري رحمه الله: نزل القرآن بلسان قريش والعرب قرآنا عربيا بلسان عربى مبين

حدثنا أبواليمان ثنا شعيب عن الزهري أخبرني أنس بن مالك قال: فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن الحارث بن هشام أن ينسخوها من المصاحف وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش فإن القرآن نزل بلسانهم ففعلوا

هذا الحديث قطعة من حديث سيأتى قريبا الكلام عليه ومقصود البخاري منه ظاهر وهو أن القرآن الكريم نزل بلغة قريش وقريش خلاصة العرب ولهذا قال أبوبكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد ثنا يزيد أخبرنا شيبان عن عبدالمالك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سمعت عمربن الخطاب يقول: لا يملين في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف وهذا إسناد صحيح

وقال أيضا: حدثنا إسماعيل بن أسد ثنا هوذة ثنا عوف عن عبد الله ابن فضالة قال: لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر فإن القرآن نزل بلغة رجل من مصر وقد قال الله تعالى: { قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون } وقال تعالى: { وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين } وقال تعالى: { وهذا لسان عربي مبين } وقال تعالى: { ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي } الآية إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك

ثم ذكر البخاري رحمه الله حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول: ليتني أرى رسول الله حين ينزل عليه الوحي فذكر الحديث في الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب وعليه جبة قال: [ فنظر رسول الله ساعة ثم فجأة الوحي فأشار عمر إلى يعلى - أي تعال - فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سرى عنه فقال: أين الذي سألنى عن العمرة آنفا فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب ]

وهذا الحديث رواه جماعة من طرق عديدة والكلام عليه في كتاب الحج ولا تظهر مناسبة ما بينه وبين هذه الترجمة ولا يكاد ولو ذكر في الترجمة التى قبلها لكان أظهر وأبين والله أعلم

جمع القرآن

قال البخاري: حدثنا موسى بن اسماعيل عن إبراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبوبكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبوبكر: إن عمر بن الخطاب أتاني فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن وإنى أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن وإنى أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟ قال عمر: هذا والله خير ؟ فلم يزل عمر يراجعنى حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد: قال أبوبكر: إنك رجل شاب عاقل لانتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان على أثقل مما أمرنى به من جمع القرآن قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله قال ؟ هو والله خير فلم يزل أبوبكر يراجعنى حتى شرح الله صدرى للذي شرح له صدرأبى بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ووجدت آخر سورة التوبة مع أبى خزيمة الأنصارى لم أجدها مع غيره { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } حتى خاتمة براءة

فكانت الصحف عند أبى بكرحتى توفاه ألله ثم عند عمرحياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهم

وقد روى البخاري هذا فيغير موضع من كتابه ورواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري به وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق رضي الله عنه فإنه أقامه الله تعالى بعد النبي مقاما لا ينبغى لأحد من بعده: قاتل الأعداء من مانعي الزكاة والمرتدين والفرس والروم ونفذ الجيوش وبعث البعوث والسرايا ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارىء من حفظه كله وكان هذا من سر قوله تعالى: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }

فجمع الصديق الخير وكف الشرور رضي الله عنه وأرضاه ولهذا روى عن غير واحد من الأئمة منهم وكيع وابن زيد وقبيصة عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير عن عبد خير عن على بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين هذا إسناد صحيح

وقال أبو بكر بن أبى داود في كتاب المصاحف: حدثنا هارون بن إسحاق ثنا عبدة عن هشام عن أبيه أن أبا بكر رضي الله عنه هو الذي جمع القرآن بعد النبي يقول: ختمه صحيح أيضا وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي تنبه لذلك لما استحرالقتل بالقراء أي اشتد القتل وكثرفى قراء القرآن يوم اليمامة يعنى يوم قتال مسيلمة الكذاب وأصحابه بنى حنيفة بأرض اليمامة في حديقة الموت

وذلك أن مسيلمة التف معه من المرتدين قريب من مائة ألف فجهز الصديق لقتاله خالد بن الوليد في قريب من ثلاثة عشرألفا فالتقوا معهم فانكشف الجيش الإسلامى لكثرة من فيه من الأعراب فنادى القراء من كبار الصحابة: يا خالد خلصنا يقولون ميزنا من هؤلاء الأعراب فتميزوا منهم وانفردوا فكانوا قريبا من ثلاثة آلاف ثم صدقوا الحملة وقاتلوا قتالا شديدا وجعلوا يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله عليهم وولى جيش الكفار فارا واتبعتهم السيوف المسلمة في أقفيتهم قتلا وأسرا وقتل الله مسيلمة وفرق شمل أصحابه ثم رجعوا إلى الإسلام

ولكن قتل من القراء يومئذ قريب من خمسمائة رضي الله عنهم فلهذا أشار عمرعلى الصديق بأن يجمع القرآن لئلا يذهب منه بسبب موت من يكون يحفظه من الصحابة بعد ذلك في مواطن القتال فإذا كتب وحفظ صار محفوظا فلا فرق بين حياة من بلغه أو موته فراجعه الصديق قليلا ليستثبت الأمر ثم وافقه وكذلك راجعهما زيد بن ثابت في ذلك ثم صار إلى ما رأياه رضي الله عنهم أجمعين وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصارى ولهذا قال أبو بكر بن أبى داود: حدثنا يزيد بن مبارك عن فضالة عن الحسن أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة فقال: إنا لله ثم أمر بالقرآن فجمع فكان أول من جمعه في المصحف وهذا منقطع فإن الحسن لم يدرك عمر ومعناه أنه أشار بجمعه فجمع ولهذا كان مهيمنا على حفظه وجمعه كما رواه ابن أبى داود حيث قال: ثنا أبو الطاهر ثنا ابن وهب ثنا عمر بن طلحة الليثى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر لما جمع القرآن كان لايقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان وذلك عن أمر الصديق له في ذلك كما قال أبو بكر بن أبى داود: ثنا أبو الطاهر أنا ابن وهب [ أخبرني ابن أبى الزناد عن هشام ابن عروة عن أبيه قال: لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبوبكر رضي الله عنه أن يضيع فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شىء من كتاب الله فاكتباه ] منقطع حسن

ولهذا قال زيد بن ثابت: ووجدت آخر سورة التوبة - يعنى قوله تعالى: { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخر الآيتين - مع أبى خزيمة الأنصارى [ وفى رواية مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره ] فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله شهادته بشهادتين في قصة الفرس التى ابتاعها رسول الله من الأعرابي فأنكر الأعرابي البيع فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي

والحديث رواه أهل السنن وهو مشهور

وروى أبو جعفر الرازى عن الربيع عن أبى العالية أن أبي بن كعب أملاها عليهم مع خزيمة بن ثابت وقد روى ابن وهب عن عمر بن طلحة الليثى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عثمان شهد بذلك أيضا

وأما قول زيد بن ثابت: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال وفى رواية: من العسب والرقاع والاضلاع وفى رواية: من الاكتاف والأقتاب وصدور الرجال أما العسب فجمع عسيب قال أبونصر اسماعيل بن حماد الجوهرى وهو من السعف فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص وما نبت عليه الخوص فهو السعف واللخاف جمع لخفة وهى القطعة من الحجارة مستدقة كا نوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك ممايمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله

ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه فكان يحفظه فتلقاه زيد هذا من عسبه وهذا من لخافه ومن صدر هذا أي من حفظه وكانوا أحرص شىء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة لأن الرسول أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال تعالى: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } ففعل صلوات الله وسلامه عليه

ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد والصحابة أوفر ما كانوامجتمعين فقال: [ إنكم مسئولون عني فما أنتم قائلون ] قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت فجعل يشير بأصبعه إلى السماء عليهم ويقول: [ اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد ] رواه مسلم بن جابر وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: [ بلغوا عنى ولو آية ] يعنى ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه فبلغوا عنه أمرهم به فأدوا القرآن قرآنا والسنة سنة لم يلبسوا هذا بهذا

ولهذا قال عليه السلام: [ من كتب عنى سوى القرآن فليمحه ] أي لئلا يختلط بالقرآن وليس معناه أن لا يحفظوا السنة ويرووها والله أعلم فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن ما أداه الرسول إليهم - إلا وقد بلغوه إلينا ولله الحمد والمنة

فكان الذي فعله الشيخان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما من أكبر المصالح الدينية وأعظمها من حفظهما كتاب الله في الصحف لئلا يذهب منه شىء بموت من تلقاه عن رسول الله ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين حتى أخذها أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه كما سنذكره إن شاء الله

كتابة عثمان رضي الله عنه للمصاحف

قال البخاري رحمه الله: ثنا موسى بن إسماعيل ثنا إبراهيم ثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازى أهل الشام في فتح أرمينيه وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة: أن ارسلى الينا بالصحف فننسخها ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد ابن العاص وعبدالرحمن بن الحرث بن هشام فنسخوها في المصاحف

وقال عثمان للرهط القريشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شىء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما أنزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أومصحف أن يحرق

قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت فقال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصارى { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } فألحقناها في سورتها بالمصحف وهذا أيضا من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه

فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شىء ؟ وهو جمع الناس على قراءة واحدة لئلا يختلفوا في القرآن ووافقه على ذلك جميع الصحابة وانما روى عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمرأصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال على بن أبى طالب: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا فاتفق الأئمة الأربعة أبوبكر وعمر وعثمان وعلى على أن ذلك من مصالح الدين وهم الخلفاء الذين قال رسول الله : [ عليكم بسنتى وسنة الخلفاءالراشدين من بعدى ] وكان السبب في هذا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فإنه لما كان غازيا في فتح أرمينية وأذربيجان وكان قد اجتمع هناك أهل الشام والعراق وجعل حذيفة يسمع منهم قراءات على حروف شتى ورأى منهم اختلافا وافتراقا فلما رجع إلى عثمان أعلمه وقال لعثمان: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى

وذلك أن اليهود والنصارى مختلفون فيما بأيديهم من الكتب فاليهود بأيديهم نسخة من التوراة والسامرة يخالفونهم في ألفاظ كثيرة ومعاني أيضا وليس في توراة السامرة حروف الهمزة ولا حرف الهاء ولا الياء والنصارى أيضا بأيديهم توراة يسمونها العتيقة وهى مخالفة لنسختي اليهود والسامرة

وأما الأناجيل التى بأيدى النصارى فأربعة: إنجيل مرقس وإنجيل لوقا وإنجيل متى وإنجيل يوحنا وهى مختلفة أيضا اختلافا كثيرا وهذه الأناجيل الأربعة كل منها لطيف الحجم منها ما هو قريب من أربع عشرة ورقة بخط متوسط ومنها ما هو أكثر من ذلك إما بالنصف أو الضعف ومضمونها سيرة عيسى عليه السلام وأيامه وأحكامه وكلامه ومعه شىء قليل مما يدعون أنه كلام الله وهي مع هذا مختلفة كما قلنا وكذلك التوراة مع ما فيها من التحريف والتبديل ثم هما منسوخان بعد ذلك بهذه الشريعة المحمدية المطهرة

فلما قال حذيفة لعثمان أفزعه وأرسل إلى حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه بالصحف التى عندها مما جمعه الشيخان ليكتب ذلك في مصحف واحد وينفذه إلى الآفاق ويجمع الناس على القراءة به وترك ما سواه ففعلت حفصة

وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصارى أحد كتاب الوحي لرسول الله وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص ابن أمية القرشى الأموى وكان كريما جوادا ممدحا وكان أشبه الناس لهجة برسول الله وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومي

فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون بالقرآن نسخا وإذا اختلفوا في موضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء ؟ فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فتراجعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش فإن القرآن نزل بلغتهم وكان عثمان رضي الله عنه - والله أعلم - رتب السور في المصحف وقدم السبع الطول وثنى بالمئين

ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكتاب: عن عوف الأعرابي عن يزيد الفارسى عن ابن عباس قال: قلت لعثمان ابن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهى من المثاني وإلى براءة وهى من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر { بسم الله الرحمن الرحيم } ووضعتموها في السبع الطول ما حملكم على ذلك ؟ فقال عثمان: [ كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشىء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التى يذكر فيها كذا وكذا ] وكانت الأنفال من أول ما نزلت بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها وحسبت أنها منها فقبض رسول الله ولم يتبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتها في السبع الطول

ففهم من هذا الحديث أن ترتيب الآيات في الصور أمر توقيفي متلقى عن النبي وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته فإن نكسه أخطأ كثيرا وأما ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان رضي الله عنه والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ عليه السلام في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{ هل أتاك حديث الغاشية } فإن فرق جاز كما صح أن رسول الله قرأ في العيد بقاف و{ اقتربت الساعة } رواه مسلم عن أبي قتادة وفى الصحيحين عن أبى هريرة [ أن رسول الله كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة { ألم } السجدة و{ هل أتى على الإنسان } ] وإن قدم بعض السور على بعض جازأيضا فقد روى حذيفة أن رسول الله قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران أخرجه مسلم وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف

ثم إن عثمان رضي الله عنه رد الصحف إلى حفصة رضي الله عنها فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم يطلبها فلم تعطه حتى ماتت فأخذها من عبد الله بن عمر فحرقها لئلا يكون فيها شىء يخالف المصاحف الأئمة التى نفذها عثمان إلى الآفاق مصحفا إلى مكة ومصحفا إلى البصرة وآخرإلى الكوفة وآخر إلى الشام وآخر إلى اليمن وآخر إلى البحرين وترك عند أهل المدينة مصحفا رواه أبو بكر بن أبى داود عن أبى حاتم السجستاني سمعه يقوله وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف - وهذا غريب - وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم وإنما نقم عليه ذلك الرهط الذين تمالؤا عليه وقتلوه - قاتلهم الله - وذلك في جملة ما أنكروا ممالا أصل له وأما سادات المسلمين من الصحابة ومن نشأ في عصرهم ذلك من التابعين فكلهم وافقوه

قال أبو داود الطيالسي وابن مهدي وغندر عن شعبة عن علقمة ابن مرثد عن رجل عن سويد بن غفلة: قال علي حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته

وقال أبو بكر بن أبى داود: ثنا أحمد بن سنان ثنا عبدالرحمن ثنا شعبة عن أبى إسحق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك أو قال لم ينكر ذلك منهم أحد وهذا اسناد صحيح

وقال أيضا: حدثنا اسحق بن ابراهيم الصواف ثنا بن كثير ثنا ثابت بن عمارة الحنفى قال: سمعت غنيم بن قيس المازنى قال: قرأت القرآن على الحرفين جميعا والله ما يسرنى أن عثمان لم يكتب المصحف وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلام فأصبح له مثل ماله قال: قلنا له يا أبا العنبر لم ؟ قال لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرءون الشعر وحدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا محمدبن عبد الله - حدثني عمران بن حدير عن أبى مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القران لألفيت الناس يقرءون الشعر

وحدثنا أحمد بن سنان سمعت ابن مهدى يقول: خصلتان لعثمان بن عفان ليستا لأبي بكر ولا لعمر: صبره نفسه حتى قتل مظلوما وجمعه الناس على المصحف

وأما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقد قال إسرائيل عن أبي إسحاق عن حميد بن مالك قال: لما أمر بالمصاحف - يعنى بتحريقها - ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله سبعين سورة وزيد صبي أفأترك ما أخذت من في رسول الله وقال أبو بكر: ثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن النضر ثنا سعيد بن سليمان ثنا ابن شهاب عن الأعمش عن أبي وائل قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: من يغلل يأت بما غل يوم القيامة غلوا مصاحفكم وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت القرآن من في رسول الله بضعا وسبعين سورة وأن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان والله ما نزل من القرآن شىء إلا وأنا أعلم في أي شىء نزل وما أحد أعلم بكتاب الله مني وما أنا بخيركم ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته قال أبو وائل: فلما نزل عن المنبر جلست في الخلق فما أحد ينكر ما قال. أصل هذا مخرج في الصحيحين وعندهما: ولقد علم أصحاب محمد أني من أعلمهم بكتاب الله

وقول أبى وائل: فما أحد ينكرما قال يعني من فضله وحفظه وعلمه والله أعلم وأما أمره بغل المصاحف وكتمانها فقد أنكره عليه غير واحد

قال الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال: كنا نعد عبد الله جبانا فما باله يواثب الأمراء ؟ وقال أبو بكر بن أبى داود باب رضي عبد الله بن مسعود بجمع عثمان المصاحف بعد ذلك

حدثنا عبد الله بن سعيد ومحمد بن عثمان بن حسان العامري عن فلفلة الجعفى قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف فدخلنا عليه فقال رجل من القوم: انا لم نأتك زائرين ولكننا جئنا حين راعنا هذا الخبر فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف - أو حروف - وإن الكتاب قبلكم كان ينزل - أو نزل - من باب واحد على حرف واحد وهذا الذي استدل به أبو بكر رحمه الله على رجوع ابن مسعود فيه نظرمن جهة أنه لا تظهرمن هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه والله أعلم

وقال أبو بكر أيضا: حدثني عمي ثنا أبو رجاء أنا اسرائيل عن أبى إسحق عن مصعب بن سعد قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: أيها الناس عهد نبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن وتقولون قراءة أبى وقراءة عبد الله يقول الرجل: والله ما يقيم قراءتك وأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شىء لما جاء به فكان الرجل يجىء بالورقة والأديم فيه القرآن حتى تجمع من ذلك شىء كثير ثم دخل عثمان فدعاهم رجلا رجلا فناشدهم: لسمعت رسول الله وهو أملاه عليك فيقول نعم فلما فرغ من ذلك عثمان قيل من أكتب الناس قال كاتب رسول الله زيد بن ثابت قال فأي الناس أعرب قالوا: سعيد بن العاص قال عثمان: فليمل سعيد وليكتب زيد مصاحفا ففرقها في الناس فسمعت بعض أصحاب رسول الله يقولون: قد أحسن. إسناد صحيح

وقال أيضا: ثنا إسحق بن إبراهيم بن زيد ثنا أبو بكر بن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثنى عشر رجلا من قريش والأنصار فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت قال: فبعثوا إلى الربعة التى في بيت عمر فجىء بها قال: وكان عثمان يتعاهدهم فكانوا إذا تدارءوا في شىء أخروه قال محمد: فقلت لكثير وكان فيهم فيمن يكتب: هل تدرون لم كانوا يؤخرونه ؟ قال: لا قال محمد: فظننت ظنا كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله صحيح أيضا

قلت: الربعة هى الكتب المجتمعة وكانت عند حفصة رضي الله عنها فلما جمعها عثمان رضي الله عنه في المصحف ردها إليها ولم يحرقها في جملة ما حرقه مما سواها لأنها هى بعينها الذي كتبه وانما رتبه ثم أنه كان قد عاهدها على أن يردها إليها فما زالت عندها حتى ماتت ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها وتأول في ذلك ما تأول عثمان كما رواه أبو بكر بن أبي داود: حدثنا محمد بن عوف ثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها عن الصحف التى كتب منها القرآن فتأبى حفصة أن تعطيه اياها قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله ابن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول إنه قد كان شىء منها لم يكتب إسناد صحيح

وأما ما رواه الزهري عن خارجة عن أبيه في شأن آية الأحزاب وإلحاقهم إياها في سورتها فذكره لهذا بعد جمع عثمان فيه نظر وإنما هذا كان حال جمع الصديق الصحف كما جاء مصرحا به في غير هذه الرواية عن الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت والدليل على ذلك أنه قال فالحقناها في سورتها من المصحف وليست هذه الآية ملحقة في الحاشية في المصاحف العثمانية

فهذه الأفعال من أكبر القربات التى بادر إليها الأئمة الراشدون: أبوبكر وعمر رضي الله عنهما حفظا على الناس القرآن وجمعاه لئلا يذهب منه شىء وعثمان رضي الله عنه جمع قراءات الناس على مصحف واحد ووضعه على العرضة الأخيرة التى عارض بها جبريل رسول الله في آخر رمضان من عمره عليه السلام فإنه عارضه به عامئذ مرتين ولهذا قال رسول الله لفاطمة ابنته لما مرض: [ وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي ] أخرجاه في الصحيحين

وقد روي أن عليا رضي الله عنه أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله مرتبا حسب نزوله أولا فأول كما رواه ابن أبى داود رحمه الله حيث قال: ثنا محمد بن اسماعيل الأحمسي ثنا ابن تفضيل عن أشعث عن محمد ابن سيرين قال: لما توفي النبي أقسم علي أن لا يرتدى برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ففعل فأرسل إليه أبو بكر رضي الله عنه أيام أكرهت إمارتي يا أبا الحسن ؟ فقال: لا والله إلا أنى أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة فبايعه ثم رجع هكذا رواه وفيه انقطاع ثم قال لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث وهو لين الحديث وإنما رووا حتى أجمع القرآن يعني أتم حفظه فإنه يقال للذي يجمع القرآن قد جمع قلت وهذا الذي قاله أبو بكر أظهر والله أعلم فإن عليا لم ينقل عنه مصحف عنىما قيل ولا غيرذلك ولكن قد توجد مصاحف على الوضع العثماني يقال انها بخط علي رضي الله عنه وفى ذلك نظر فإن في بعضهم ( كتبه علي بن أبي طالب ) وهذا لحن من الكلام وعلي رضي الله عنه من أبعد الناس عن ذلك فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو فيما رواه عنه الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي وأنه قسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف وذكر أشياء أخر تممها أبو الأسود بعده ثم أخذ الناس عن أبي الاسود فوسعوه ووضحوه وصار علما مستقلا

وأما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله وقد كان قديما بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود ثماني عشرة وخمسمائة وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي بحبر محكم في رق أظنه من جلود الإبل والله أعلم زاده الله تشريفا وتعظيما وتكريما فأما عثمان رضي الله عنه فيما يعرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه وغيره فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره واشارته ثم قرئت على الصحابة بين يدى عثمان ثم نفذت إلى الآفاق رضي الله عنه

وقد قال أبو بكر بن أبى داود: ثنا على بن حرب الطائي ثنا قريش بن أنس ثنا سليمان التيمي عن أبى نضرة عن أبى سعيد مولى بنى أسيد قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده فوقعت على { فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } فمد يده وقال: والله إنها لأول يد خطت المفصل وقال أيضا: ثنا أبو الطاهر ثنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن مصحف عثمان فقال لي: ذهب يحتمل أنه سأله عن المصحف الذي كتبه بيده ويحتمل أن يكون سأله عن المصحف الذي تركه في المدينة والله أعلم

قلت: وقد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره أن بشر ابن عبدالملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب ابن أمية وتعلمه من عمه سفيان بن حرب وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيئ من قرية هناك يقال لها بقة ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس ولهذا قال أبو بكر بن أبى داود: ثنا عبد الله بن محمد الزهري ثنا سفيان عن مجاهد عن الشعبي قال: سألنا المهاجرون: من أين تعلمتم الكتابة ؟ قالوا: من أهل الأنبار قلت: والذي كان يغلب على زمان السلف الكتابة المكتوبة ثم هذبها أبو علي بن مقلة الوزير وصار له في ذلك نهج وأسلوب في الكتابة ثم قربها على بن هلال البغدادي المعروف بابن البواب وسلك الناس وراءه وطريقته في ذلك واضحة جيدة والغرض أن الكتابة لما كانت في ذلك الزمان لم تحكم جيدا وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى وصنف الناس في ذلك واعتنى بذلك الإمام أبو بكر بن أبي داود رحمه الله فبوبا على ذلك وذكر قطعة صالحة هي من صناعة القرآن ليست مقصدنا ههنا

ولهذا نص الإمام مالك على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الإمام ورخص غيره في ذلك واختلفوا في الشكل والنقط فمن مرخص ومن مانع

فأما كتابة السورة وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب فكثير من مصاحف زماننا والأولى اتباع السلف الصالح ثم قال البخاري: ذكركتاب النبي

وأورد فيه من حديث الزهري عن ابن السباق عن زيد بن ثابت أن أبا بكرالصديق قال له: وكنت تكتب الوحي لرسول الله وذكر نحو ما تقدم في جمعه القرآن وقد تقدم وأورد حديث زيد بن ثابت في نزول { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر } ولم يذكر البخاري أحدا من الكتاب في هذا الباب سوى زيد بن ثابت وهذا عجب وكأنه لم يقع له حديث يورده سوى هذا والله أعلم وموضع هذا في كتاب السيرة عند ذكر كتابه

ثم قال البخاري رحمه الله: أنزل القرآن على سبعة أحرف

 

3 أحاديث في فضائل القران

 

[ الحديث الأول ]

قال البخاري رحمه الله كيف نزل الوحي وأول ما نزل قال ابن عباس: المهيمن الأمين القرآن، أمين على كل كتاب قبله.

حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال: أخبرتني عائشة وابن عباس قالا: [ لبث النبي بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا ]

ذكر البخاري رحمه الله كتاب فضائل القرآن بعد كتاب التفسير لأن التفسير أهم فلهذا بدأ به فجرينا على منواله وسننه مقتضين به وقول ابن عباس في المهيمن: إنما يريد به البخاري قوله تعالى في المائدة بعد ذكر التوراة والإنجيل { وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه } قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله: ثنا المثنى ثنا عبد الله بن صالح حدثني معاويه عن علي يعنى ابن أبى طلحة عن ابن عباس قوله { ومهيمنا عليه } قال: المهيمن الأمين قال: [ القرآن أمين على كل كتاب قبله وفى رواية شهيدا عليه ] وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن أبى اسحاق السبيعي عن التميمى عن ابن عباس { ومهيمنا عليه } قال: مؤتمنا وبنحو ذلك قال مجاهد والسدى وقتادة وابن جريج والحسن البصرى وغير واحد من أئمة السلف وأصل الهيمنة الحفظ والإرتقاب يقال إذا ارقب الرجل الشىء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه فهو مهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن وفى أسماء الله تعالى المهيمن وهو الشهيد على كل شىء الرقيب الحفيظ بكل شىء

وأما الحديت الذي أسنده البخاري أنه عليه السلام أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا فهو مما انفرد به البخاري دون مسلم وإنما رواه النسائي من حديث شيبان وهو ابن عبد الرحمن عن يحيى وهو ابن كثير عن أبى سلمة عنهما وقال أبوعبيد القاسم بن سلام: ثنا يزيد عن داود بن أبىهند عن عكرمة عن ابن عباس قال: أنزل القران جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ثم قرأ { وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا } هذا إسناد صحيح. أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا مما لا خلاف فيه وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة لأنه عليه السلام أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح ويحتمل أنه حذف ما زاد على العشر اختصارا في الكلام لأن العرب كثيرا ما يحذفون الكسور في كلامهم أو أنهما اعتبرا قرن جبريل عليه السلام فإنه قد روى الإمام أحمد أنه قرن به عليه السلام ميكائيل في ابتداء الأمر يلقى اليه الكلمة وشىء ثم قرن به جبريل ووجه مناسبة هذا الحديث بـ فضائل القرآن أنه ابتدئ بنزوله في مكان شريف وهو البلد الحرام كما أنه في زمن شريف وهو شهر رمضان فاجتمع له شرف الزمان والمكان

ولهذا يستحب إكثار تلاوة القرآن في شهر رمضان لأنه ابتدئ بنزوله ولهذا كان جبريل يعارض به رسول الله في كل سنة في شهر رمضان فلما كانت السنة التى توفى فيها عارضه مرتين تأكيدا وتثبيتا وأيضا ففى الحديث بيان أنه من القرآن مكي ومنه مدني فالمكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعد الهجرة سواء كان بالمدينة أو بغيرها من أي البلاد كان حتى ولوكان بمكة أو عرفة

وقد أجمعوا على سور أنها من المكي وأخر أنها من المدني واختلفوا في أخر وأراد بعضهم ضبط ذلك بضوابط في تقييدها عسر ونظر ولكن قال بعضهم: كل سورة في أولها شىء من الحروف المقطعة فهى مكية إلا البقرة وآل عمران كما أن كل سورة فيها { يا أيها الذين آمنوا } فهى مدنية وما فيه { يا أيها الناس } فيحتمل أن تكون من هذا ومن هذا والغالب أنه مكي وقد يكون مدنيا كما في البقرة: { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون } - { يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين }

قال أبوعبيد: ثنا أبومعاوية ثنا من سمع الأعمش يحدث عن إبراهيم عن علقمة: كل شىء في القرآن { يا أيها الذين آمنوا } فانه أنزل بالمدينة وما كان منها { يا أيها الناس } فانه أنزل بمكة ثم قال: ثنا على بن معبد عن أبى المليح عن ميمون بن مهران قال: ما كان في القرآن { يا أيها الناس } و{ يا بني آدم } فإنه مكي وما كان { يا أيها الذين آمنوا } فإنه مدني

ومنهم من يقول: إن بعض السور نزل مرتين: مرة بالمدينة ومرة بمكة والله أعلم ومنهم من يستثني من المكي آيات يدعى أنها من المدني كما في سورة الحج وغيرها

والحق في ذلك ما دل عليه الدليل الصحيح فالله أعلم

وقال أبوعبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن على بن أبى طلحة قال: نزلت بالمدينة سورة البقرة وال عمران والنساء وا لمائدة والأنفال والتوبة والحج وا لنور والأحزاب والذ ين كفروا والفتح والحد يد والمجادلة والحشر والممتحنة والحواريون والتغابن و{ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } و{ يا أيها النبي لم تحرم } و{ الفجر } و{ الليل إذا يغشى } و{ إنا أنزلناه في ليلة القدر } و{ لم يكن } و{ إذا زلزلت } و{ إذا جاء نصر الله والفتح } وسائر ذلك بمكة هذا إسناد صحيح عن ابن أبى طلحة مشهور وهو أحد أصحاب ابن عباس الذين رووا عنه التفسير

وقد ذكر في المدني سورا في كونها مدنية نظر وما به الحجرات المعوذات

الحديث الثاني

وقال البخاري: ثنا موسى بن إسماعيل ثنا معتمر قال: سمعت أبى عن أبى عثمان قال قال: [ أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي وعنده أم سلمة فجعل يتحدث فقال النبي لأم سلمة: من هذا أو كما قال قالت: هذا دحيه فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة النبي يخبر خبر جبريل أو كما قال ] قال أبى: قلت لأبىعثمان: ممن سمعت هذا ؟ قال: من أسامة بن زيد رضي الله عنه

وهكذا رواه أيضا في علامات النبوة عن عباس بن الوليد النرسى ومسلم في فضائل أم سلمة عن عبدالأعلى بن حماد ومحمد بن عبد الأعلى كلهم عن معتمر بن سليمان به والغرض من ايراده هذا الحديث ههنا أن السفير بين الله وبين محمد جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال تعالى: { نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين } وقال تعالى: { إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون } الآيات

فمدح الرب تبارك وتعالى عبديه ورسوليه جبريل ومحمدا صلى الله وسلم عليهما وسنستقصى الكلام على تفسيرهذا المكان في موضعه إذا وصلنا إليه إن شاء الله تعالى وبه الثقة وفى الحديث فضيلة عظيمة لأم سلمة رضي الله عنها - كما بينه مسلم رحمه الله لرؤيتها هذا الملك العظيم وفضيلة أيضا لدحية بن خليفة الكلبي وذلك أن جبريل عليه السلام كان كثيرا ما يأتى إلى رسول الله على صورة دحية وكان جميل الصورة رضي الله عنه وكان من قبيلة أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي وهم من قبيلة قضاعة وقضاعة قيل: إنهم من عدنان وقيل من قحطان كلهم ينسبون إلى كلب بن وبره وقيل بطن مستقل بنفسه والله أعلم

الحديث الثالث

حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا الليث ثنا سعيد المقبرى عن أبيه عن أبى هريرة قال قال النبي : [ ما من الانبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ] ورواه أيضا في الاعتصام عن عبد العزيز بن عبد الله ومسلم والنسائي عن قتيبة جميعا عن الليث بن سعد عن سعيد بن أبى سعيد عن أبيه واسمه كيسان المقبرى به

وفى هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها بنى من الأنبياء وعلى كل كتاب أنزله وذلك أن معنى الحديث: ما من نبى إلا أعطى - أي من المعجزات - ما آمن عليه البشر أي ما كان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به واتبعه من اتبعه من البشر ثم لما مات الأنبياء لم تبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهدوه في زمانه

وأما الرسول الخاتم للرسالة محمد فإنما كان معظم

ما آتاه الله وحيا منه إليه منقولا الى الناس بالتواتر ففى كل حين هو كما أنزل فلهذا قال: [ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا ] وكذلك وقع فإن أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها الى قيام الساعة واستمرار معجزته ولهذا قال الله تعالى: { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } وقال تعالى: { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا }

ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال { أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } ثم تحداهم إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا فقال { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } وقصر التحدي على هذ المقام في السور المكية - كما ذكرنا في المدنية أيضا كما في سورة البقرة حيث قال تعالى: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين } وأخبرهم أنهم عاجزون عن معارضته بمثله وأنهم لا يفعلون ذلك في المستقبل أيضا

هذا وهم أفصح الخلق وأعلمهم بالبلاغة والشعر وقريض الكلام وضروبه لكن جاءهم من الله مالا قبل لأحد من البشر به من الكلام الفصيح البليغ الوجيز المحتوى على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة والأخبار الصادقة عن الغيوب الماضية والآتية والأحكام العادلة المحكمة كما قال تعالى: { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا }

وقال الإمام أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبى ثنا محمد بن اسحاق قال: ذكر محمد بن كعب القرظي عن الحارث بن عبد الله الأعور قال: قلت لآتين أمير المؤمنين فلأ سألنه عما سمعت العشية قال: فجئته بعد العشاء فدخلت عليه فذكر الحديث قال ثم قال: سمعت رسول الله يقول: [ أتاني جبريل فقال: يامحمد إن أمتك مختلفة بعدك - قال - فقلت له: فأين المخرج يا جبريل ؟ قال: فقال: كتاب الله به يقصم الله كل جبار من اعتصم به نجا ومن تركه هلك - مرتين - قول فصل وليس بالهزل لا تخلقه الألسن ولا تفنى عجائبه فيه نبأ من كان قبلكم وفصل مابينكم وخبرماهو كائن بعدكم ] رواه الإمام أحمد

وقد قال أبوعيسى الترمذي: ثنا عبد بن حميد ثنا حسين بن على الجعفى ثنا حمزة الزيات عن أبى المختار الطائى عن ابن أخى الحارث الأعور عن الحارث الأعور قال: [ مررت إلى المسجد فاذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت: يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضو في الأحاديث ؟ قال: أوقد فعلوها ؟ قلت: نعم قال: أما إنى قد سمعت رسول الله يقول: ألا إنها ستكون فتنة فقلت: فما المخرج منها يارسول الله ؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ماقبلكم وخبر مابعدكم وحكم مابينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبارقصمة الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو التى لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنه ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضى عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا { إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به } من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم خذها اليك يا أعور ] ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات وإسناده مجهول وفى حديث الحارث مقال

قلت: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات بل قد رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث الأعور فبرئ حمزة من عهدته على أنه وإن كان ضعيف الحديث فإنه إمام في القراءة والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده أما أنه تعمد الكذب في الحديث فلا والله أعلم

وقصارى هذا الحديث أنما يكون من كلام أمير المؤمنين على رضي الله عنه وقد وهم بعضهم في رفعه وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روى له شاهد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي

قال الإمام العلم أبوعبيد الله القاسم بن سلام رحمه الله في كتابة فضائل القرآن: ثنا أبو اليقظان عمار بن محمد الثوري أو غيره عن أبى إسحاق الهجري عن أبى الاحوص عن عبد الله بن مسعود عن النبي قال: [ إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضى عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما أنى لا أقول: الم حرف ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر ]

وهذا غريب من هذا الوجه ورواه محمد بن تفضيل عن أبى إسحاق الهجري واسمه إبراهيم بن مسلم وهو أحد التابعين ولكن تكلموا فيه كثيرا وقال أبو حاتم الرازى: لين ليس بالقوى وقال أبو الفتح الأزدى: رفاع كثير الوهم

قلت: فيحتمل - والله أعلم - أن يكون وهم في رفع هذا الحديث وإنما هو من كلام بن مسعود ولكن له شاهد من وجه أخر والله أعلم

وقال أبو عبيد أيضا: ثنا حجاج عن إسرائيل عن أبى اسحاق عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: لا يسأل عبد عن نفسه الا القرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله

الحديث الرابع